عالم التصوير والمعرفة بقلم المصور صلاح حيدر - حقيقة الصورة هي ورقة جامدة لا حراك فيها تتميز ببعدين الطول والعرض , لكن المصور ببراعته وحسه الفني وذكاءه وخبرته استطاع أن يجعلها مجسمة تنبض بالحياة , ذات قيمة إنسانية كبيرة وعمق يجعل المشاهد ينتقل فيها الى عوالم غير محددة بما تحمله من موضوعات ودلالات في هذه الحياة بكل تفاصيلها . هذه الصورة مهما تكن بسيطة فإنها تجعلك تتمعن بعظمة الخالق في خلقه وتجعلك مشدودا لفعل الإنسان أو الكائنات الحية الاخرى بما يصنعه كل كائن من جهد في فعل الخير أو الشر بمفهومه المتعارف عليه .
هذه الورقة ( الصورة ) تحتاج لمن يشحنها بمشاعر وعواطف ورؤى إنسانية تنعكس بمضمونها على المشاهد لتداعب عواطفه وأحاسيسه , ليبقى مسمرا بنظراته نحو الصورة وهي تنقل الرسالة التي تحملها برؤية تؤثر على المشاهد ؟
فما هي هذه الشحنات التي يمكن للمصور أن يضعها في هذه الورقة لتستطيع السيطرة على عواطف ومشاعر المتلقي .
فهل ياترى كل من حمل الكاميرا يستطيع إبهار الآخرين بلقطاته إذا لم يكن مؤهلا لها وهل كل من حمل الكاميرا وادعى عبقريته في عالم التصوير يستطيع فعلا أن يقدم نتاجا إنسانيا يستطيع من خلاله أن يؤثر على الآخرين؟ 

هذا السؤال يجب أن يسأله كل مصور لنفسه ويجيب عليه ليعرف مكانته الحقيقية بين المصورين , فإذا فشل في ذلك عليه أن يتبع الخطوات الصحيحة للوصول الى ما وصل إليه الآخرين في طريق النجاح ....ولا احد يمن عليك أو يمنع عنك ذلك لان كل شي متوفر أمامك او تحت يدك من كتب ومصادر وأمامك الحياة الواقعية بأكملها لتبرهن على اسمك ووجودك بالصورة التي تلتقطها . 
بلاغة الصورة فاقت التصور في تقديرها وتقييمها , لذلك اتجه الإنسان لاستغلال الصورة على أوسع نطاق لدرجة أن هذا العصر سمي بعصر الصورة
(الموضوع ) هو أهم ما تحويه الصورة وما تتميز به , ودرجة أهميته في نجاح الصورة يعادل أكثر من 70 % من أسباب نجاحها حسب تأثيره وأهميته ومكانته في فكر المشاهدين ذلك لان الصورة لو وثقت موضوعا تافها لا معنى له وصورة جامدة ببعديها دون أن تحمل تلك السمات الأساسية للتأثير على المشاهدين وفي هذه الحالة لا اعتقد أن هنالك من يعير الانتباه لها.

اختيار موضوع محدد لتصويره يحتاج الى مصور( إنسان ) ذكي يتميز بحس فني مرهف كي يستطيع التقاط الصور الناجحة والمتميزة التي تدلل على الفكر الإنساني لدى المصور ويعكس ثقافته ونفسيته وخصوصيته التي يحملها ويتميز بها , لذلك ترى الفرق كبير بين مصور وأخر حتى وان كان من بيئة ومجتمع أخر إلا أن الحالة الإنسانية تجمع الجميع في رؤية واحدة عندما يقوم بعرض صورة لها موضوع ومضمون ودلالة مشتركة في الهم الإنساني بين الشعوب فلا فرق بين شرقي وغربي وبين شمالي وجنوبي , بين فقير وغني وبين متعلم وأمي فالإنسان هو الإنسان في ابسط صفاته التي تجعله من صنف البشر 

الصورة رسالة تحمل فكر المصور , لإيصالها للإنسانية وعلى المصور أن يكون بمستوى الوعي في طرح موضوعه الذي وثقه من خلال صوره .

أساس نجاح الصورة يعتمد على قدرة المصور في تسخير عينيه وعقله ويجعل الكاميرا طوع أمره لتنفيذ تلك الأفكار الإنسانية فيقوم بتقديمها من خلال صور تحمل بمدلولاتها هويته الإنسانية ويضع بصماته المتميزة التي يعرفها الجميع بمجرد النظر الى الصور .

ومن هنا يجب على المصور ن يتعلم قراءة الصور بكل معانيها ودلالاتها اضافة للجوانب الفنية لمواصفات الصورة الناجحة , وبعد إتقان ذلك كله يتم الاتجاه لنشر ثقافة الصورة بمضمونها الحقيقي ومحاولة تعليم الجميع كيفية قراءة الصورة بمفهومها العام من خلال إقامة المعارض الشخصية والعامة ون خلال مشاهدة الصور في الصحف والمجلات والنشريات اضافة لكافة أنوع الإعلام المرئي والمكتوب والالكتروني .

ثقتنا كبيرة وأملنا كبير بمصورينا في استيعاب مفهوم الصورة والتقدم بخطوات واثقة الى الإمام في عالم التصوير وتجاوز (مرحلة حمال الكاميرا) ومرحلة هواية التصوير حيث يحتاج المصور الى جهد ملموس بصور ناجحة لينقش اسمه في ذاكرة الناس من خلال الإعمال الإبداعية والمتميزة التي يقدمها المصورين .

المصدر :

Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم