عالم التصوير والمعرفة
- من أخطاء التفكير الشائعة لدى أغلب المصورين أن الشاشة الأساسية التي تدير عملية التصوير، هي شاشة الكاميرا، كونها تُرينا المشهد بالإطار الذي تراه الكاميرا ! إذن قبل تشغيل الكاميرا وبدء شاشتها بالعمل، مايمكننا فعله هو فقط الانتظار، حسناً في هذه الحالة الكاميرا هي المصور وليس أنت !
إنّ عملية التصوير لدى المصور المبدع تبدأ على شاشةٍ أخرى تماماً، ولا نعني بذلك الصورة المبدئية المشوّشة التي تتضح فيما بعد على شاشة الكاميرا ! بل الصورة النهائية بكل تفاصيلها الأساسية والثانوية وبالإطار الذي رسى عليه الاختيار. إنها الشاشة الأولى .. شاشة الخيال الخصب المُدرّب جيداً والمرتبطة بروابط مباشرة مع العين والعقل والذاكرة والإحساس الفني والإنساني بالمشهد.
لا ننفي وجود بعض المصورين الذين يلتقطون بعض الصور التي تدهشهم وتدهش عقولهم ! لكن غالبية المبدعين هم أولئك الذين يصنعون الدهشة على الشاشة الأولى ثم ينقلونها باحترافيةٍ للشاشة الثانية وليس العكس ! تجدهم يقفون في الموقع الصحيح ويمنحون جلّ الطاقة البشرية لديهم لحاسة الإبصار التي تصول وتجول وتراقب وتحقّق وتدقّق وتصنع التكوينات والإطارات المختلفة مع بعض التعديلات والمؤثّرات والرتوش وتلصق الصورة على الشاشة الأولى ليبدأ الحوار بين العين والعقل والذاكرة والإحساس وتبادل وجهات النظر والملاحظات والمقترحات ! وهكذا تباعاً مع صورةٍ يتم إنتاجها ذهنياً وعرضها على الشاشة الأولى.
يقول أحد أشهر مصوري أغلفة المجلات في العالم، ناصحاً المصورين: ابحث عن الضوء واللون والحركة، تلك العناصر الثلاثة التي يتشكّل منها الثالوث المقدّس للتصوير الفوتوغرافي، قم بتعديل الضوء واللون قدر الاستطاعة لتصل لمرحلة الرضا، أما الحركة فيجب أن يكون لديك فكرك الخاص وطلباتك الخاصة لتمنح الصورة سحراً خاصاً وألقاً فريداً، لا تتردّد في طلب تنفيذ الحركة التي تعتقد أنها مناسبة وتطويع الضوء واللون للانسجام معها، لتخرج بصورةٍ مدهشة. وعن مضمون الحركة في الصورة يَنصَح بالابتعاد عن أية تكويناتٍ معقّدة والانحياز للبساطة الأنيقة المتوفرة في التفاعل الإنساني، فهو يعتبر أنه لا أجمل وأبسط من هذا النوع من التفاعل الذي يملك نفوذاً عجيباً في التأثير على المتلقي، ويروي من ذلك تجربة لتصوير شاعرة شهيرة في استوديو بملابس واكسسوارات المحاربين القدماء، لكن الصور لم ترضهِ وهمّت الشاعرة بمغادرة المكان للحاق بموعدٍ آخر مستخدمةً مترو الأنفاق لكسب الوقت، وهنا سَطَعَت الصورة المرضية على شاشته الأولى وكانت صورة رائعة في المترو نشرتها مجلة "لايف".
إرسال تعليق
التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف