في التصويرالضوئي, هناك عنصران أساسيان: عنصر التفكير- الأسلوب الذي تستعمله لإلتقاط الصور (التخطيط, تكوين المشهد, الإلتقاط), وعنصر المعدات ( الكاميرا والإكسسوارات المستخدمة في التصوير). كلا العنصران يؤثران بشكل كبير على جودة التصوير. يعتقد غالبية الناس أن توفير معدات جديدة يمكن أن يحول صورهم الضعيفة الى صور تحصد الجوائز. وهذا ليس صحيحاً. فالصحيح أن الصور الجيدة تتأتّى عن رؤية جيدة, مدعومة بمعدات مقبولة المستوى.

هذا الكلام يأتي عن خبرة بالتصوير ومعرفة بالمعدات. أذكر كيف كنت أنظر بإعجاب الى صور أحد أساتذة التصوير في موسكو, ثم لا أتمالك نفسي من الذهول عندما أرى بيده آلة التصوير من نوع زينيت Zenit وأعرف أن جميع هذه الصور الرائعة, أنتجتها هذه الكاميرا المتواضعة.

فيما يلي نستعرض عدداً من تقنيات التصوير التي تدعم تشكيل رؤية خاصة بكل صورة, وتساهم في تحسين مستوى التصوير لدى الهواة والمحترفين.

1. توقف عن تكرار الأخطاء 
تحديد المشكلة. بالعودة إلى أرشيف الصور الخاص بك, حاول التعرف على المساوئ التي تعاني منها صورك, وفهرستها. لا شك أنك ستجد العديد من الصور تعاني من نفس المشكلة. فإلى متى ستبقى تكرر الخطأ ذاته؟ . بالعودة إلى أرشيفي الخاص, وجدت مثلاً, تكرار الظواهر التالية:

إلتقاط الصورة بطريقة قياسية
(زاوية نظر عادية, مع عدسة بطول بؤري نموذجي...), مع أنه كان يمكن البحث عن بدائل أكثر إثارة وتعبير مثل, إختيار زاوية تصوير غير عادية, إستعمال عدسات بأطوال بؤرية متفاوتة, التركيز على تفاصيل صغيرة في المشهد وجعلها رئيسية. 

إستعمال سرعات غالق بطيئة مع كاميرا محمولة باليد 
(غير مثبتة على ركيزة), الإهتزاز الخفيف للكاميرا يؤدي إلى تقليل حدة البروز Sharpness في الصورة. في السابق كنت أعالج المشكلة عن طريق الكمبيوتر (مسح الصورة ضوئياً بإستعمال سكانر Scanner, ومن ثم إستخدام تطبيقات معالجة الصور لزيادة حدة البروز). غير أن الحل الأمثل لهذه المشكلة يكون بإستخدام ركيزة مناسبة عندما تتطلب ظروف إضاءة المشهد إستخدام سرعات غالق بطيئة. 

تكوين المشهد بصورة غير صحيحة: 
إجتزاء بعض التفاصيل وحشر ما لا يلزم. التركيز على جانب من المشهد غير الجانب الذي ينبغي التركيز عليه. 

التخبّط في مشاهد الإضاءة المختلطة
الأمر الذي أدّى الى مشاهد ذات تباين عالي من حيث الإضاءة. نفس المشهد يحوي على مناطق مظلمة جداً و مناطق عالية الإضاءة . 

حل المشكلة. بعد تصفح الأرشيف وتحديد المشاكل
نأتي إلى حلها. أقترح عمل بطاقة كرتونية بجميع المشاكل مع الحلول المقترحة لها, والإحتفاظ بهذه البطاقة إلى جانب معداتك الفوتوغرافية في مكان بارز, والعودة إليها كلما شرعت في مشروع تصوير جديد. 

حاول النظر الى الأشياء بعين مختلفة عن السابق

2. قارن صورك بصور تتمنى لو كنت أنت ملتقطها. 
قارن أعمالك بأعمال المحترفين. لو عدت الى المجلات والنشرات التي تملكها, وتصفحت الصور, ستجد حتماً صوراُ قريبة على صورك من حيث الموضوع أو النوع. الآن أخرج صورك من الأرشيف, وزّعها ألى مجموعات, وقارن كل مجموعة بمثيلتها في المجلة أو المنشور. على سبيل المثال, صور الطبيعة مع بعضها, صور البورتريه, الصور المقربة Close-up وغيرها من المواضيع. بعد ذلك قارن أعمالك جنباً إلى جنب مع أعمال الآخرين, الأكثر إحترافاً.

جرّب طرقاً جديدة. إن هدف هذا التمرين- تحديد الطرق التي من شأنها رفع مستواك الفوتوغرافي, وليس بأي شكل, نسخ أعمال الآخرين وتجاربهم. أدرس الفروقات بين أعمالك والأعمال المنشورة. إبحث عن البدائل التي يمكنها إضفاء دفعة قوية على اعمالك بدون تقليد أحد ما. إعمل مخططاً أولياً لكل موضوع من المواضيع الفوتوغرافية وأحصر فيه إنطباعاتك وأفكارك. راجع هذا المخطط بعد يومين ونقّح الأفكار الواردة فيه, أضف اليه وعدّل. هذا الأسلوب يتيح لأعمالك أن تصبح أكثر إحترافية وذات مضمون. بمرور الوقت ستدرك أن كل صورة ينبغي أن تنبثق عن رؤية فنية, وهو الخط الفاصل بين صورة عاديّة وصورة إبداعية.

3. إنتظر وقتاً أطول قبل البدء بالالتقاط. 
لماذا يكون الإنتظار مفيداً؟ الفكرة تتلخص في أن الإنتظار قبل الألتقاط يجعلك على معرفة أكثر بالموضوع, وسواء كان الموضوع شخصاً أو مكاناً, فأنت بحاجة لمعرفة المزيد عنه. خذ وقتاً أطول بالتجول حول الموضوع, البحث عن تفاصيل أكثر إثارة, النظر من جانب آخر, تجريب زاوية تصوير أخرى وهكذا. في الأغلب تأتي الصور الملتقطة بسرعة (أسلوب سدد وصور على أول موضوع يصادفك) فارغة من أي مضمون أو رؤية فنية.

تحلّى بالصبر. بدلاً من التصوير بعشوائية ودون تخطيط, يوفر الإنتظار فرصة لتحديد مكان وزمان الإلتقاط بوضوح. إن التركيز على عدد أقل من المواضيع مع التقاط عدد أكبر من الصور, يعطيك نتائج أفضل من تصوير مواضيع كثيرة بسرعة.

4. التصوير بالغريزة وبسرعة. 
سدد وصوّر الآن. قد يبدو هذا متناقضاً مع ما أشرنا اليه في البند السابق, ولكن من الأجدر التعامل مع هذه الحالة على أنّها جانب مكمّل لجانب انتظار الالتقاط. في أي مشهد, هناك لقطات تأتي كوميض البرق, قد تفقدها إذا ما انتظرت طويلاً. كذلك هناك لقطات لا تحتاج الى تفكير عميق, حيث تبدو وكأنها في المكان والزمان الصحيحين. لا تتردد في توجيه كاميرتك وتسجيل هذه اللقطات بسرعة.

إلتقط بسرعة. تشكل اللقطات السريعة ,بالفطرة والغريزة, المادة الرئيسية في حقل الأخبار والرياضة. لكن الصور السريعة الجيدة ليست بالأمر الهيّن حتى بالنسبة للمصورين المحترفين. لتصوير اللقطات العفوية السريعة, ينبغي أن تتقن أولاً التعامل السريع مع كاميرتك المفضلة, على سبيل المثال, تغيير العدسات بسرعة, التحكّم بالتعييرات وضوابط الكاميرا. قد يلزمك أيضاً معرفة وخبرة في تنفيذ الأصلاحات اللازمة للصورة عن طريق التطبيقات الحاسوبية. إذ قلما تخلو اللقطات المأخوذة بسرعة من أخطاء وعثرات ينبغي معالجتها على الكمبيوتر. على العموم, تدرّب على الإلتقاط السريع في البيت, مع الأطفال أو الحيوانات الأليفة. بعد أن تتقن هذا النوع من الصور, يمكنك الإنطلاق الى الساحات الرياضية, أو التجمعات البشرية لإلتقاط صور لا تخلو من طرافة.

5. أعد إلتقاط الصورة. 
كن ناقداً موضوعياً لأعمالك. أنظر الى صورك وفكّر كيف يمكن أن تبدو لو ألتقطت بطريقة مختلفة. في الغالب, عندما أذهب لإعادة التقاط الصورة ثانية, أحاول الحصول على إضاءة مختلفة عن المرة الأولى, تجريب زاوية تصوير أخرى, تكوين المشهد من جديد, أو للتركيز على تفصيلات معينة لم ألاحظها في المرة الأولى.

إبقى مستعداً للعودة الى نفس المكان. أذا كان الموضوع يستحق الإلتقاط في المرة الأولى, فلا شك أنه يستحق منك الرجوع للإلتقاط ثانيةً. برؤية جديدة, من زاوية تصوير مغايرة, أو بإستخدام أسلوب إضاءة مختلف. ولكن الأهم من هذا كله, أن كل مرة تعود فيها الى نفس المكان, تصبح على معرفة أكثر بطبيعة الموضوع وظروفه. وهذا ما يجعل صورك تأخذ عمقاً أكبر وتكشف عن مكنوناته.

المرة الثالثة في نفس المكان كانت الحاسمة. الدراجات النارية والإضاءة أعطت المشهد مضمون جديد لم يكن متوفراً في المرات السابقة. 

6. إحصل على رأي ثاني
من حسن الحظ أن لديّ في المكتب عدد من الأصدقاء المهتمين بالتصوير. عادة ما نتبادل الصور وكذلك الإنتقادات. من خلال هذا التبادل المستمر, فأنا أرى الصور من خلال عيونهم, وأنظر الى كل صورة بموضوعية. نناقش جميع المسائل المتعلقة بالصور مثل الطرق المختلفة لتحجيم الصورة من أجل إبراز موضوع ما, أو كيف يمكن لفتحة العدسة أن تغيّر من مضمون الصورة.

قرر مرجعيتك. إذا كان لديك أصدقاء شغوفين بالتصوير, رتّب وقتاً للتداول معهم حول صورك, والحصول على آرائهم وملاحظاتهم بكل أمانة. أو إسأل من هم حولك: ربما كان هناك من له نظرة أو خبرة في أمور التصميم أو تكوين المشهد وتستطيع الإفادة منه والحصول على ملاحظات قيّمة. حتّى الأصدقاء العاديين وأفراد العائلة يمكن أن يلحظوا عناصر في الصورة لم تلحظها أنت. يمكن القول أن معظم الملاحظات والتعليقات التي تسمعها يمكن أن تساعد في رفع سويتك الفوتوغرافية.

أخيراً. هل سيساعدك عمل تقييم ذاتي لأعمالك في تحسين مستوى التصوير. أراهن بالإيجاب. قد لا ترى النتيجة من أول محاولة, ولكن بالتكرار وإعادة التقييم سوف تلحظ فرقاً واسعاً في مستواك.

Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم