عندما تخرج الأشعة من منبعها تنتشر في جميع الاتجاهات على هيئة موجات تتذبذب عمودياً على الاتجاه الذي تسير فيه الأشعة ويتذبذب بعضها بحيث تكون قمة الموجة الضوئية متجهة إلى أعلى أما قاعها فيكون متجهاً إلى أسفل كما تتذبذب موجات أخرى في اتجاه آخر فتكون القمة واقعة جهة اليمين أما القاع فيتجه نحو اليسار. وهكذا تتذبذب الموجات في اتجاهات مختلفة مع بقاء ذبذبتها عمودية على اتجاه سير الأشعة.


وتستمر هذه الذبذبات في سيرها على النحو السابق حتى تقابل سطحاً لامعاً عاكساً، فقد ظهر من دراسة الانعكاسات الضوئية أن الأشعة المنعكسة لا تتذبذب إلا في مستوى واحد فقط وعندئذ يقال أن الضوء قد استقطب على مستوى واحد polarizes كما يطلق على هذه الحالة اسم الاستقطاب polarization ومن هنا نشأت تسمية المرشح باسم « المرشح المستقطب » أو مرشح الاستقطاب 

ومرشح الاستقطاب يمثل حائلاً ذا فتحات افتراضية كثيرة ومتوازية فهو لا يسمح بتخلله إلا للموجات الضوئية التي تتذبذب في نفس اتجاه فتحاته فإذا كان المرشح في وضع يجعل فتحاته الافتراضية « طولية » فإنه لا يسمح بتخلله إلا لموجات تجري في مستوى طولي أما تلك التي تجري في مستويات أخرى عرضية مثلاً فلا يسمح لها بتخلله.

ولما كان دوران هذا المرشح حول مركزه يغير اتجاه فتحاته من الوضع الطولي إلى الوضع المستعرض فإنه من السهل التحكم في مرور الموجات الضوئية الناشئة عن الانعكاس والتي تتذبذب في مستوى واحد بمجرد إدارة المرشح حول مركزه ذلك لأن دورانه يكون بمثابة وضع حائل ذي فتحات مستعرضة في مسار الموجات الضوئية التي يختلف مستوى حركتها الموجبة عن اتجاه فتحات المرشح التي افترضها.

وهكذا فإن هذا المرشح يقوم تارةً مقام الحائل المستعرض للفتحة « يمنع نفاذ الضوء المنعكس المستقطب في مستوى رأسي » ويقوم تارةً أخرى مقام الحائل الطولي الثاني ويتوقف أدائه لهذه الوظيفة أو تلك على درجة دورانه حول مركزه.

كما ظهر أن لبعض المواد العضوية « التي رتبت جزئياتها ترتيباً خاصاً » القدرة على استقطاب الضوء ولذلك استخدمت خصائص تلك المواد في صناعة دقائق تصلح كمرشحات للاستقطاب وهي تتميز بالقدرة على الحد من الانعكاسات على الأسطح اللامعة أو المصقولة وغير المعدنية.

إذا كانت زاوية انعكاسها لا تقل عن «35°» ولا تزيد عن «70°» درجة وهي لذلك تصلح لتصوير الواجهات الزجاجية للمحلات التجارية وتصوير اللوحات الزيتية اللامعة. وتصوير الأثاث والأرضية اللامعة. والمهم جداً التصوير ما تحت الماء لإظهار ما به من أعشاب وأسماك أو تصوير الأواني الصينية المستديرة أو المقعرة أو المحدبة …. الخ.

والمهم جداً : نرى من المرشح السابق أن مرشحات الاستقطاب لا تغير من الخصائص الطيفية للأشعة ولذلك فهي تعتبر صالحة للتصوير الملون وتتشابه من هذا الوجهة مع المرشحات المحايدة التي تقلل من كثافة الضوء دون أن تؤثر في خصائصه الطيفية. وتكلمنا عنها فيما سبق.

وحين نستخدم مرشحات الاستقطاب تظهر السماء قاتمة عادةً حين التصوير بالأبيض والأسود كما يكون لونها الأزرق أكثر تشبعاً في أحوال التصوير الملون. ويعود ذلك إلى أن المرشح يمنع مرور الأشعة التي تنعكس على الأتربة والجسيمات العالقة بالجو.

ولعل في ذلك تصحيحاً للفكرة الخاطئة السائدة بين بعض المصورين التي تعزو ظهور السماء قاتمة في التصوير الأبيض والأسود وشدة زرقتها في الصّور الملونة إلى أن ذلك نتيجة لامتصاص مرشح الاستقطاب لبعض ألوان السماء الزرقاء وهذا خطأ.

ومن الصعب أن يقدر عامل المرشح بدقة عند استخدام مرشح الاستقطاب إذ يتوقف ذلك على نسبة الأشعة التي لا يسمح الفلتر بمرورها إلى الأشعة الساقطة عليه. وهذا عامل يتوقف هو في حد ذاته على مدى انحراف المرشح ودورانه حول مركزه.

Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم