حامد الهنداوي أقدم مصور في غزة (تصوير: عبد زقوت)


عالم التصوير والمعرفة - بشغف يوازي سنوات عمره التي تجاوزت الثمانين، ينظر الفلسطيني حامد الهنداوي لأول كاميرة اقتناها قبل ستة عقود من الزمن، أمضاها برفقة الآلة التي نطق من خلالها بلسان حال بلده وعدد من الدول العربية الأخرى.

الكاميرا التي حفر بها الهنداوي في ذاكرته ملامح محطات فاصلة في حياته، وتاريخه، جعلته المصور الأقدم في غزة، إذ لجأ إلى القطاع مع عائلته بعدما هجرت من قريته الأصلية “بشيت” عام 1948، ليستقر بهم الحال في مدينة خان يونس (جنوب).

بذور العلاقة الناشئة بين الهنداوي والكاميرا ظهرت عندما بلغ التاسعة من عمره، قبل أن يبلغ الـ15 ليكتشف أن التصوير الفوتوغرافي سيكون خياره الأمثل، غير أن ظروفه المعيشية القاسية حالت دون امتلاكه لها.

الارتباط الوثيق الذي تجذر في علاقة الهنداوي بالكاميرا، دفعه لبذل كل ما يستطيع من أجل امتلاكها، حتى استطاع عام 1954 بدء العمل في مهنة التصوير، الذي اعتزله بسبب حالته الصحية عام 2006.

الامتلاك الأول للكاميرا، بحسبه جاء بعد رحلة طويلة من توفير المال، إذ نجح في دفع ثمن وصل في حينه لنحو 20 جنيهاً مصرياً، دفعها بالتقسيط.

كما أن الحنين الذي يتملكه للعودة لهذا الفن، رغم كبر سنه، يبدو واضحاً في كل مرة يتحدث فيها عن رحلته المهنية، وفي كل مرة يلقي فيها نظرة لكاميراته الأولى التي لا زال يحتفظ بها حتى يومنا هذا.

وبامتلاكه لكاميرته الأولى، شعر الهنداوي أن رحلته مع فن التصوير قد بدأت، إذ أمضى سنوات عمره الأولى متنقلاً ومتجولاً بين الطرقات وأزقة المخيمات، قبل أن يطلق العنان لنفسه حيث سافر لاكتساب خبرات أكثر في هذا المجال، ليعود بعد سنوات طويلة إلى حيث نشأ وترعرع وعشق هذه الآلة.

جولة السفر التي تنقل فيها الهنداوي شملت المملكة العربية السعودية، التي عمل مصوراً في أستوديوهاتها عام 1959، ليعود بعدها لغزة عام 1961 كمنتسب لجيش منظمة التحرير، قبل أن يُبعد إلى مصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 على إثر أحداث النكسة، ومن هناك سافر إلى الأردن حيث عمل مصوراً في الفترة بين عامي 1968-1972، حتى استقر به الحال في غزة.

عودته مجدداً للقطاع الساحلي، جعلته وهو الذي احترف الرسم والموسيقى إلى جانب التصوير يتجول يومياً لساعات طويلة على شاطئ البحر يوثق اللحظات التي يعيشها المصطافين الراغبين في الاحتفاظ بتفاصيل رحلاتهم في وقت كان الحصول فيه على الصورة عزيزاً.

قضاؤه لساعات طويلة في توثيق تفاصيل الحياة، جعله الوجه الأقرب للناس، حتى ذاع صيته في الأرجاء، وأصبحت الكاميرا مصدر رزقه الوحيد، ودخله الذي استطاع من خلاله تعليم أبنائه داخل الوطن وخارجه.

 المصدر / هاجر حرب : القدس العربي










Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم