"إيليا فوتو ستوديو" افتتح في عقبة الخانقاة بالقدس عام 1949 (الجزيرة) |
عالم التصوير والمعرفة - القدس - هبة أصلان : عرف المقدسيون التصوير الفوتوغرافي في أواخر خمسينيات القرن 19 عن طريق الأرمن، وتحديدا الأسقف الأرمني يساي جرابيديان، الذي تعلم تقنيات التصوير في فرنسا، ليفتتح لاحقا أول مدرسة للتصوير الشمسي في العالم العربي، داخل دير الأرمن بالبلدة القديمة من القدس.
تتلمذ إيليا قهوجيان المالك "لإيليا فوتو ستوديو" الموجود اليوم في عقبة الخانقاة في القدس على يد الأسقف جرابيديان، وبدأ العمل في مهنة التصوير عام 1924 لدى أستوديو "حنانيا"، ليصبح مالكه عام 1930 بعد هجرة عائلة "حنانيا" إلى المملكة المتحدة، وفق الحفيد إيليا قهوجيان.
وبحسب الحفيد الذي يمثل الجيل الثالث بعد أن ورث المهنة عن والده وجده، فقد دفع الجد ثمن الأستوديو مضاعفا ثلاث مرات، وهذا كان أحد شروط إتمام عملية الشراء، خاصة أنه لم يكن يستطيع دفع ثمنه نقدا.
أرشيف مصور
لكن أحداث النكبة عام 1948 لم تبق الحال على ما هي عليه، وكان من حسن حظ قهوجيان أن نفذ نصيحة أحد أصدقائه بأن نقل محتويات الأستوديو بما فيها الأرشيف المصور الذي يعود تاريخ أقدم صوره إلى عام 1860 لمكان آمن، وبالفعل حصل أن أحرق الأستوديو على يد العصابات الصهيونية.
لكن أحداث النكبة عام 1948 لم تبق الحال على ما هي عليه، وكان من حسن حظ قهوجيان أن نفذ نصيحة أحد أصدقائه بأن نقل محتويات الأستوديو بما فيها الأرشيف المصور الذي يعود تاريخ أقدم صوره إلى عام 1860 لمكان آمن، وبالفعل حصل أن أحرق الأستوديو على يد العصابات الصهيونية.
وفي عام 1949، افتتح المحل الحالي في عقبة الخانقاة، لكن أرشيف "إيليا فوتو ستوديو" بقي حبيسا لمخزن دير الأرمن حتى عام 1987، وقيام الابن " كيفورك " والحفيد "إيليا" بإخراجه وفرز الصور وعددها نحو 3500 صورة وحفظها.
تخرج على يد الأسقف جرابيديان عدة مصورين أرمن، شكلوا لاحقا نواة مهنة التصوير بالقدس، وما زال بعضهم يعمل حتى اليوم ومنهم بالإضافة إلى "إيليا فوتو ستوديو" وأستوديو "غارو" وأستوديو "كيفورك كريكوريان" وغيرها، لكن إبراهيم بناليان قرر أن يغرد على طريقته.
قبل نحو خمس سنوات، أنشأ بناليان -وهو مرشد سياحي ويهوى جمع الصور القديمة- مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أطلق عليها اسم "Apo Documentaries" بالإنجليزية.
عبر مجموعته التي يتابعها أكثر من سبعة آلاف شخص، ينشر إبراهيم صورا قديمة لمدينة القدس، يوثق من خلالها الأمكنة بتواريخ مختلفة، مقدما مقارنة بين صورتها القديمة والحالية، وما طرأ عليها من تغيرات.
نمت هواية بناليان معه منذ 25 سنة تقريبا، بدءاً بقصقصة صور الصحف والملصقات، كما مثل السائحين الذين زاروا القدس مصدرا مهما لأرشيفه، وساعده التطور التكنولوجي من خلال الصور المنشورة على الإنترنت.
ولا تقتصر مجموعة "Apo Documentaries" على نشر الصور بشكل مجرد، فتجده يضيف إليها شروحات مفصلة تروي قصة الصورة والمكان وتاريخها إن أمكن.
وتوثق مجموعة بناليان ثلاث فترات تاريخية مرت على فلسطين عموما والقدس خاصة، وهي فترات الحكم العثماني، والانتداب البريطاني، والحكم الأردني.
ويصف إبراهيم صور فترة الحكم الأردني بالشحيحة، ويرجع ذلك إلى عدم استقرار المنطقة بفعل الأحداث السياسية وضعف الحركة السياحية.
توثيق وتوريث
يرى إبراهيم بناليان في مجموعته وسيلة لتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ القدس بفترات لم يعيشوها، خاصة أن هناك غيابا لمثل هذه الصفحات المتخصصة رغم سهولة النشر عبر فيسبوك ومجانيته.
يرى إبراهيم بناليان في مجموعته وسيلة لتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ القدس بفترات لم يعيشوها، خاصة أن هناك غيابا لمثل هذه الصفحات المتخصصة رغم سهولة النشر عبر فيسبوك ومجانيته.
وعن تفاعل الناس مع المنشورات يقول بناليان "يعتمد تفاعلهم على الصورة، وأجده كبيرا عندما يكون المكان معروفا لهم، أو له علاقة بقصة طريفة حدثت، ويزيد مع صور الشخصيات المعروفة".
ومن بين الصور التي لاقت تفاعلا كبيرا قصة الراهبة التي سقط منها طقم أسنانها بالقرب من بوابة "مندلبوم" من الجهة الإسرائيلية، وهي البوابة التي وضعها الاحتلال كفاصل بين القدس الشرقية والغربية، ولم تستعيده إلا بعد يومين استغرقتها إجراءات التنسيق الأمني.
إيليا قهوجيان الحفيد استبق النكبة بنقل محتويات أستوديو العائلة لمكان آمن (الجزيرة) |
أنشأ إبراهيم بناليان مجموعة على فيسبوك تضم صورا قديمة وجديدة للأمكنة ذاتها (الجزيرة) |
المصدر : الجزيرة
إرسال تعليق
التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف