عالم التصوير والمعرفة
- (إن التصوير الفوتوغرافي هو نظام الطباعة البصرية، إنه تأطيرُ قسمٍ من رؤياك الشخصية عندما تجد نفسك في المكان المناسب والوقت المناسب. وهو يشبه الشطرنج أو الكتابة من ناحية اختيار واحد من عدة احتمالات. أما الفرق فهو أن احتمالات التصوير ليست محدّدة ! بل لا حدود لها على الإطلاق!) هذه من كلمات المصور "جون ساركوفسكي" عميد قسم التصوير الفوتوغرافيّ السابق في متحف الفن الحديث في نيويورك.
من أبرز النماذج الفنية التي تجاوزت حدود المنطق والمألوف، تلك العلاقة المجنونة التي جَمَعَت كاتباً ناجحاً مهووساً بالجمال بكاتبٍ آخر يعشق الجمال أيضاً لكن علاقته مع القلم والورقة لم يُكتب لها النجاح ! وكان أن خاض الأخير عدة تجارب خجولة في العزف على البيانو والرسم لكنها لم تصل به لبرّ الإشباع الروحي في التعبير الإنساني عن مشاعره ! عاش لفترةٍ من الزمن معانياً من اضطراباتٍ حياتيةٍ متتالية بسبب التراكمات الفكرية الحبيسة بين ثنايا فؤاده ! ساعده صديقه عدة مرات في تناول القلم من منظورٍ آخر لكن النتائج لم تبرح عنادها تاركة صاحبها أسير القنوط.
في أحد الأيام شاهد الكاتب الفذّ بعض الصور الفوتوغرافية التي التقطها صاحبه وأبحر في أبعادها سارحاً، تبلورت الفكرة في مخيّلته فشَرَعَ فوراً في تنفيذها، طَلَبَ من صاحبه مساعدته في التقاط بعض الصور له مع إحدى المنحوتات الفنية البديعة التي ينوي الكتابة عنها، وكان له ذلك، ثم جلسا سوياً يتناقشان بعمق في تناول فكرة الموضوع قيد الكتابة ومناسبة الصور لطبيعة محاوره وانسيابية أفكاره، كان الكاتب يقودُ صاحبه قاصداً بالتدريج باتجاه التورّط في غرام العدسة، وشيئاً فشيئاً َحَدَثَ مالم يخطرُ ببال الأول ولا الثاني ! لقد نَشَأَت بينها علاقةٌ فنيةٌ فريدة الأطوار ! لقد نَضَجَت شخصية المصور في عقل وقلب الثاني وجَذَبَت صوره الأول ليشتق من روعتها وتكوينها وأفكارها كلماته وأطروحاته، وشَغُفَ الثاني باختيار العديد من مواضيع عدسته من وحي مقالات صاحبه. حالة توأمةٍ فنيةٍ عجيبة ظَهَرَت من استلهام كلٍ منهما إبداعه من إبداع الآخر.
الفنون عائلةٌ واحدة تتنفّس ذات الهواء، جميعها تنهل من مَعِين جمالية تركيب الإنسان، وتفاعله مع جماليات الحياة وحقائقها. ما أروع التعابير البشرية الإبداعية حينما تتعانق وتشرق بإبداعاتها فتضيء جوانب الروح وترتقي بالذائقة وتعزّز الثقة والفهم والتوازن .. وتهزم أقوى مسكّنات الألم.
فلاش: أسباب إبداع كاميرتك .. من أهم مصادر الطاقة البشرية
إرسال تعليق
التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف