عالم التصوير والمعرفة - فوتوغرافيا - المصور .. بين العزلة والاتصال - جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي

من الانتقادات الشائعة التي تواجه المصورين ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم بأسره، هي الانعزال عن قضايا المجتمع وأوجاعه وتطوّراته. هذه الانتقادات تصل أحياناً لحد اتهام المصورين باستغلال بعض الظروف الصعبة التي يمر بها فردٌ أو مجموعةٌ في بقعةٍ من بقاع الأرض لصالحهم، وذلك بأن يقوم بتصوير صورةٍ أو أكثر لمشاهد مأساوية بغرض الشهرة والانتشار، دون أن يلقي بالاً بجوهر المأساة أو أن يهتم بتقديم حلولٍ لها. 

نحن نعتبر كل مصورٍ مسؤولاً عن نفسه وعن تصرّفاته وسلوكياته الخاصة، ومن غير المنطقي لوم جميع المصورين بسبب سلوك أحدهم أو حتى مجموعةٍ منهم. ومن ناحيةٍ أخرى نقول أن مجرّد امتلاك كاميرا لا يكفي ليصبح صاحبها حاملاً لصفة "مصوّر" ! يومياً نسمع ونقرأ عن مصورين لا يحملون همَّ أي قضية وعقولهم تخلو من الأهداف الإنسانية النبيلة أو الاهتمامات الاجتماعية أو أية قيمٍ أخرى. في الواقع أنه نسبة هؤلاء من إجمالي المصورين الممارسين للتصوير كمهنة نسبة بسيطة، لأن من يمارس التصوير بهذه العقلية لن تكون لديه أسباب كافية للاستمرار. في المقابل هناك آلاف المصورين الجدد الذين يكتشفون روائع عالم الكاميرا كل يوم ويدركون تدريجياً فاعلية هذه الأداة العجيبة في التغيير وفي صناعة الفارق في العديد من المجالات. 

ومن زاويةٍ أخرى نعتبر أن المصور الواحد قادرٌ على خدمة قضيةٍ ما لكن بشكلٍ محدود، إلا أن فرق التصوير الممثّلة بمنظماتٍ وهيئاتٍ ومؤسساتٍ وأندية قادرة على تقديم الفائدة بشكلٍ أكبر للمجتمعات وتوظيف الصورة بطرقٍ ناجعة وإيصالها لمنصات صناعة القرار بفاعليةٍ أكبر وبالتالي الحصول على نتائج مباشرة أكثر أهمية. 

جميع مجالات الفنون أو العلوم و غيرها من المعارف الإنسانية لا تخلو من أولئك الذين يهتمون فقط بالفائدة الشخصية ولا يكترثون لغيرها، ولكن وجودهم أمرٌ طبيعيّ في كل زمانٍ ومكان وهذا لا يبرّر الحكم على مهنهم أو مجالات أنشطتهم. 

إن المتبحّر في تاريخ التصوير وتجاربه المختلفة ورموزه الذي تركوا بصماتٍ لا تُنسى على مرّ التاريخ، يدرك جيداً إشراقة الرسالة السامية له وأدواره العظيمة المؤثّرة المنحازة للإنسانية والإنسان والتواصل البشري الراقي بين الحضارات والشعوب، ويفهم تماماً المساحة الواسعة أمامه للقيام بما يجب عليه القيام به تجاه بني جنسه لتحسين نوعية الحياة وتقليص حجم المشاكل والتحديات التي تواجه الإنسان في مختلف أنحاء العالم. 

إن من يعتبر التصوير وسيلة ترفيه سيختبر الكثير من المتعة بالفعل، لكن من يأخذه على محمل الجد فسيبادله الجديّة وقد يغيّر حياته بالكامل. 

فلاش | أصحاب العقل "البصري" الأقدر على الحوار الفعّال مع العدسة

Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم