عالم التصوير والمعرفة - من يطّلع على الصور الفائزة بالدورة الخامسة للجائزة يرى تجسيداً فنياً بديعاً للمواضيع المطروحة من خلال محاور تلك الدورة. آلاف الصور من جميع أنحاء العالم عكست رؤية أصحابها للسعادة، لقد دُهشنا من التنوّع العجيب والفريد لفهم السعادة لدى شعوب وحضارات وثقافات العالم، والفوارق الفكرية بينهم والتي تكشف الأولويات المسبّبة للسعادة من وجهة نظرهم. 

مفارقة عجيبة في الصور الفائزة بمحور "السعادة" تكشف لنا الارتباط الوثيق لهذا الشعور الإنسانيّ الممتع بالطفولة ! 5 صور من 6 في هذا المحور كان الأطفال حاضرين بقوة في محيطها وموضوعها وتأثيرها الرئيسيّ، ربما لعلاقة السعادة ببساطة التعاطي مع الحياة، ولا أقرب لتلك البساطة من السلوك الطفوليّ العذب الذي يشغف القلوب. 

في محور الأب والأبن شهدنا عدداً كبيراً من الصور الرائعة بتكوينها ومعناها ومعالجتها البصرية، وبرزت من خلال مراحل الفرز والتحكيم صورٌ مذهلة في روايتها وتعبيرها عن أبعاد تلك العلاقة البشرية المعقّدة بين الأب وابنه. إن من يغوص في القصص الصامتة للصور الفائزة في هذا المحور يدرك عبقرية الكاميرا في التقاط قصصٍ قد تُعجِز الروايات في دقة وصفها وبلاغة معانيها. هناك عشرات الرسائل الواردة منها والتي ينتقي منها المشاهد الأقرب لفكره وطبيعته، وممّا التقطناه منها روعة الأبوة عندما يكفهر وجه الدنيا وتزور المصائب يوميات الحياة، هناك يكون الأب السند القوي والشريك الصلب الذي يمنح القوة والصبر لأبنائه ويقودهم في شقّ سُبُل الحلول الوعرة. 

أما المحور العام الذي يشكّل قاعدة أساسية في محاورنا لمنح المصورين مساحة الحرية الضرورية لهم، فقد شهد حضور الكاميرا في الوقت والمكان المناسبين لعددٍ من الأحداث الملهمة، شاهدنا تجليّات الطبيعة البكر عندما ترسم أروع اللوحات الفنية، وشاهدنا جوانب جذّابة من حياة البشر وعلاقتهم بعضهم ببعض، واستمتعنا بفضول العدسة وهي تكشف تفاصيل صغيرة تجري على كوكبنا يجهلها الكثيرون. 

وعلى الجانب الآخر من الكوكب ذهبنا في رحلةٍ بريةٍ تغلّفها المغامرة ويسوّرها الخطر إلى حيث الأدغال ومجاهل الغابات وبديع صنع الله في مخلوقاته المختلفة شكلاً وحجماً وسلوكاً، وأساليب الحياة المعقّدة لدى هذه الكائنات وغرابة علاقتها بعضها ببعض، ونوعية الجمال الذي يسكن حياة الغابة وطرق المصورين الإبداعية في وضع هذا الجمال في صورٍ فوتوغرافية قادرة على المنافسة. 

إن من يجول برويةٍ وتمعّن بين الصور الفائزة وينصت لأحاديثها وقصصها، سيشعر بمزيجٍ فريدٍ من الأحاسيس المتباينة له مذاق فنيّ ممتع يجعله يدرك قيمة الفنون البصرية ومدى تأثيراتها الرائعة. 

فلاش / اعتنِ بصورك بطريقةٍ متقنة كي تعرف طريق الفوز

Post a Comment

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف

أحدث أقدم