عالم التصوير والمعرفة
- بقلم / يحيى مساد - لو تعمقنا بالعمل المؤسسي وعدنا إلى أداور وزارات التربية والتعليم في الوطن العربي والتي لها الباع الأطول في مجالي التربية والتعليم لوجدنا أنها ما تزال تعاني الكثير من المشاكل في إيصال وتحقيق رسالتها رغم الفترة الزمنية الطويلة وما تملكه من إمكانيات مادية وخبرات إدارية ومختصين في شتى المجالات مقارنة مع المؤسسات الفوتوغرافية الهزيلة والقائم أغلبها على مجهودات فردية وعشوائية غير ممنهجة حتى لو كانت مؤسسات تدار من قبل لجان إدارية منتخبة وتابعة لإحدى الوزارات الثقافية أو الشبابية .. فقانون الجمعيات يتيح لأي مجموعة أن تتقدم لتأسيس مجموعة أو نادي ثقافي أو فني حسب اللوائح والقوانين ومختصرها يسمح لعدد من الأشخاص يقره النظام والموافقة على النظام الداخلي العام للجمعيات والنوادي مع تعديل محدود لخدمة تلك الجمعية تحت التأسيس يتوافق مع سياسة الوزارة وأنظمتها الداخلية .. والنتيجة تأسيس جمعية أو نادي .. هذه الجمعية أو النادي قد يكون ورائها أشخاص يحبون ما يقومون به .. ولكنهم لا يستطيعون العمل وتنفيذ أهدافهم الحقيقية لأنهم لا يملكون السيطرة إلا وقت ترأسهم للهيئة الإدارية خلال مدة محدودة .. ولكن هناك أشخاص لا يكترثون بالعمل الجاد ويبحثون عن المنصب والكرسي الذي يتيح لهم تنفيذ اجندات خاصة وشخصية. ويتصيدون فترة الإنتخابات لدورة جديدة كي يحتلون مقاعد الإدارة فيها .. لينتهي الدور الحقيقي للمؤسسين .. .واغلب هذه المؤسسات تقوم على مبدأ الشللية القائمة على تبادل المصالح بالتداور وفي ظل الأنظمة الداخلية .. لتصبح هذه المؤسسات والجمعيات والنوادي حكراً على أشخاص وتخدم أهدافهم الشخصية ولا علاقة لها بالأهداف التي تأسست عليها .. وجمعيات التصوير في الوطن العربي أكبر مثال ..وخير دليل على ذلك الواقع الذي وصل إليه المصور العربي .
من هو المصور العربي ؟ هو أباً وأماً وأخاً وأختاً ... في أبعد الأحوال هو أحد الأقارب أوصديقاً أو جاراً من دائرة الحي الذي نسكنه ... هو جزء من منظومة المجتمع الذي نعيش فيه بدايةً .. كل مصور نبع من حب الهواية أو بحكم عمل أحد افراد العائلة في هذا المجال .. قد يكون نوع من الغيرة أو مجاراة صديق أو مجرد تسلية لتمضية الوقت لنكتشف فيما بعد أننا احببناه كفن وهواية.
لو وضعنا المصور العربي الناجح تحت عدسة الماكرو وقمنا بأخذ لقطة مقربة له لنتدارسها بشكل جاد ودراسة عوامل نجاحه.. لوجدنا أن النجاح قد حالف القلة القليلة جداً والتي لا تتعدى حالات فردية في أغلب الأحيان مقارنة مع حجم المؤسسات الفوتوغرافية المنتشرة في ارجاء الوطن العربي ... ولوجدنا أن النجاح حالف البعض نتيجة بعض الظروف المحيطة في مجال عملهم أو دراستهم خارج الوطن العربي والتي فتحت لهم آفاق لم تكن لتتاح لهم في وطنهم ... وأغلب هؤلاء الناجحين أو حاصدي الجوائز هم من الذين يمتهنون التصوير الصحفي في الغالب والذي مكنهم للوصول إلى قلب الأحداث الحية وساعدهم ظروف عملهم لإصطياد الصور والتي يهتم بها الرأي العربي والعالمي .. ولكن لا نستثني الناجحين الذي ابدعوا كذلك في مجالات التصوير المختلفة والذين عملوا على انفسهم وتطوير مهاراتهم على حسابهم الخاص ويملكون الإمكانيات لذلك وبالنتيجة الثانية هم قلة أيضاً ... وبعد ذلك .. ما مصير الأغلبية الضائعة من المبتدئين والهواة ؟
وهنا نأتي إلى طرح السؤال التالي ... ما حجم الدعم و الإنفاق الذي تقوم به المؤسسات الفوتوغرافية العربية الحكومية والخاصة لدعم المصور العربي تحت المسميات المختلفة؟
الجواب ... كبير جداً ولكن هذا الدعم والإنفاق لا يتناسب مع المستوى الثقافي والفني للأغلبية مقارنة بحجم الدعم المقدم لهذه الغاية بحق المصورين العرب .. حيث أن اغلب هذا الدعم والإنفاق يتم صرفه على أمور إدارية وعلى المعارض الشخصية والعامة والمهرجانات الإستعراضية في أغلبها والمسابقات ذات المستويات المختلفة المحلية والدولية... ولا ننسى تلك المؤسسات الكبيرة والتي تدعم حضور المصورين الأجانب لتقديم ورشات عمل ومحاضرات متناسية هشاشة المصور العربي غالباً بثقافة اللغات الأجنبية وأهمها الإنجليزية اللهم من رحم ربي ...
إسمحوا لي لأن اقدم حالة تشخيص خاصة بالمصور العربي .. سأشبه الحالة وكوننا مجتمع عربي بالعائلة والطفل العربي .. ومشكلتنا مع الطفل العربي لا تقل مأسآة عن حال المصور العربي .. فكلاهما حالة واحدة ولو تعمقنا أكثر سنجد أن متطلبات حقوق الطفل الدولية تتطابق تماماً مع متطلبات المصور العربي , وسأسردها عليكم آخذاً بعين الإعتبار حالة التشبيه بينهما. و اسمحوا لي بهذا التشبيه لأنني سأشبه المصور العربي بالطفل .
حقوق الطفل : الأطفال ( المصورين ) بحاجة إلى تنفيذ إتفاقية الحقوق الخاصة المتعلقة بالطفل ( المصور ) والتي أقرها زعماء العالم في عام 1989 . وتتمثل مهمة اليونيسف ( المؤسسات الفوتوغرافية العربية الرسمية وغير الرسمية ) في حماية حقوق الأطفال (المصورين ) ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم. وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وبروتوكولان اختياريان. وهي توضّح بطريقة لا لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون تمييز، وهذه الحقوق هي :
حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد، والحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.
وتتلخص مبادئ الاتفاقية الأساسية الأربعة في : عدم التمييز؛ تضافر الجهود من أجل المصلحة الفضلى للطفل؛ والحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في النماء؛ وحق احترام رأي الطفل.
وكل حق من الحقوق التي تنص عليه الاتفاقية بوضوح، يتلازم بطبيعته مع الكرامة الإنسانية للطفل وتطويره وتنميته المنسجمة معها.
وتحمي الاتفاقية حقوق الأطفال ( المصورين ) عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل.
وبموافقتها على الالتزام (بتصديقها على هذا الصك أو الانضمام إليه)، تكون الحكومات الوطنية ( المؤسسات الفوتوغرافية ) قد ألزمت نفسها بحماية وضمان حقوق الأطفال ( المصورين )، ووافقت على تحمل مسؤولية هذا الالتزام أمام المجتمع الدولي.
وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف ( المؤسسات الفوتوغرافية العربية ) بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء المصالح الفُضلى للطفل ( المصور العربي ) ... هذه مجرد مقدمة لحقوق الطفل ( المصور ) وبالتأكيد يمكن لمن يهمه الإطلاع أن يبحث في هذه البنود كاملة والمصادر كثيرة .
مضمون حقوق الطفل .. سأختار البندين السادس والسابع لما لهما من دور لتسليط الضوء على أهداف هذه المقالة
سادسا:- يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية سليمة إلى الحب والتفهم. ولذلك يجب أن تتم نشأته برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز إلا في بعض الظروف، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب على المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش.
سابعا:- للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا، في مراحله الابتدائية علي الأقل، وتقع هذه المسؤولية بالدرجة الأولى على أبويه. ويجب أن تتاح للطف يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة.
وختاماً ... تستحضرني هذه الكلمات ... كي نحصل على معزوفة متناغمة وراقية ولنستمتع بها والتي من الممكن أن تصل بنا إلى العالمية .. علينا التوقف فوراً عن العزف المنفرد المتداخل والذي يشبه مطارق الحدادة .. علينا أولاً أن نتعلم قراءة النوتة الموسيقية أو لنتعلم أبجديات الحوار الراقي كي نعزف لحناً فوتوغرافياً عربياً خالداً.
ملخص ما اود قوله ... ليس بالضرورة أن نُقنع انفسنا أن ما نقدمه للطفل ( المصور ) هو الأفضل , بل من الأفضل أن نقتنع أن للطفل متطلباته الخاصة والضرورية جداً كذلك .
آن آوان التغيير ... فأما التغيير الآن .. أو يبقى الحال على ما هو عليه... فكفانا متاجرة بالكلام ... فقد حان وقت الأفعال.
يحيى مساد 19/1/2014
إرسال تعليق
التعليق الذي يحتوي على تجريح أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف